اليوم لدينا 100 فتاة حامل تحت غطاء «جهاد النكاح» وغدا 100 طفل ينضاف للمجتمع التونسي أي 200 قنبلة موقوتة مشحونة إذا اعتبرنا الجانب النفسي والاجتماعي والاقتصادي.
والأمر والأدهى صعوبة تصنيف الفتيات الحوامل بعد الولادة هل هي ضمن قائمة الأمّهات العازبات أم قائمة الأرامل؟ أم المطلّقات؟
الكارثة
لن أتحدّث عما بلغته المرأة التونسية من مكانة هامّة على المستوى الوطني والعربي وحتى الدولي لأنه معروف وبديهي وموثّق في كل الكتب والمراجع والتسجيلات ولكن أشيد الى أن هذه المكانة التي تحسد عليها المرأة التونسية تحوّلت الى رمز من رموز التقدّم والتحضّر في تونس لذلك حاول دعاة الرجعية والتخلّف باسم الفهم الخاطئ للدين استهداف مكانة المرأة وسحق رمزيتها وتحويلها من انسان فاعل في مجتمعها الى مجرّد سلعة ومتعة وإشباع غرائزهم الحيوانية دون التفكير في مستقبلها. والسؤال الذي يفرض نفسه أي مصير لحوامل جهاد النكاح وأبنائهن؟ وكيف يمكن الاحاطة بهن؟ وكيف يمكن التصدّي لهذه الظاهرة لعدم التغرير بالمزيد منهن باسم الدين؟
أسئلة طرحتها «الشروق» على ناشطات في الحقل الحقوقي والسياسي.
شيء متوقّع
اعتبرت الحقوقية والناشطة سابقا في جمعية النساء الديمقراطيات أن ما حدث للفتيات الحوامل هو شيء متوقّع لأنه عندما تفتح الباب للتغرير بفتيات صغيرات وتجنيدهن وارسالهن الى سوريا ماذا تنتظر؟
وهذا يعد جناية يعاقب عليها القانون ويصل الى الاعدام وبعض الساسة الذين خرجوا للتشجيع على الجهاد هم مسؤولون وكذلك استقبال الدعاة والشيوخ في تونس وعلى رأسهم وزيرة المرأة مسؤولون. وما اقترف في حقهم يعتبر بغاء. وأضافت منهن من تمّ انتدابها عن طريق «الفايسبوك» وفي القانون التونسي إذا كانت قاصرا يعتبر اغتصابا ويعاقب الجاني وفقهُ وإذا كانت كبيرة في السن يعتبر بغاء.
ضحايا
ولكن مهما كانت التكاليف هن ضحايا حسب بشرى بلحاج حميدة وهناك حملة كاملة وعمل ممنهج للمسّ من صورة المرأة وضد المرأة التونسية والأصيلة وفسخ الحركة الاصلاحية التي خاضها المصلحون في تونس من الطاهر الحدّاد الى بورقيبة. وقالت راضية الجربي رئيسة اتحاد المرأة: ينكب المكتب التنفيذي للاتحاد على دراسة ملف الحوامل العائدات من سوريا وهو بصدد الاتصال ببعضهن والحصول على شهادات حيّة قصد تحديد طريقة التدخل والعلاج والمساعدة.
وقالت كرئيسة للاتحاد أنا مستاءة لحالهن لأنهن ضحايا ثم بعد النكاح لفظوهن وألقوا بهن الى المجهول.
وأنه تم التغرير بهن وتركهن أمام مصيرهن وتساءلت هل هنّ أرامل أو مطلقات أو أمهات عازبات وماهي وضعية الطفل بعد الوضع؟ بمن سيلقّب؟ وهل هو ابن شرعي أم لا؟
هل يرث أم لا؟ وهل هي تزوّجت بتونسي لتطبّق القانون التونسي أو غير تونسي؟ وأضافت هناك اشكالية قانونية وما يسمى بتنازع القوانين ولكن الحمد لله ان مجلة الأحوال الشخصية موجودة لأن القانون التونسي هو المطبّق ولا يطبّق قانون الزوج. وتطبيق القانون التونسي يمنح اللقب للطفل.
مصير الطفل
ولكن اذا كانت الحامل بدورها قاصرا فكيف ستتولى وصاية طفل قاصر؟ وهل سيقع قبولها من العائلة والمجتمع؟
وهنا المسؤولية ليست مسؤولية المجتمع المدني فقط بل كذلك مسؤولية الحكومة والوزارات كوزارة المرأة والشؤون الاجتماعية وهي كارثة وناتجة عن أخطاء تهجير أبنائنا للنكاح وغير النكاح. والسؤال أي مصير لطفل «النكاح» الذي جاء نتيجة تخميرة دينية هل سيكون شخصا سويا بعد ان يترعرع في مجتمع يعرف انه ناتج عن ظاهرة غريبة عنّا..
وحول مسؤولية اتحاد المرأة قالت: نحن مسؤوليتنا تكمن في الاحاطة النفسية والاجتماعية لأن الحامل تعيش مرحلة الصدمة وواجبنا مساعدتها على تجاوز نظرة المجتمع القاسية وإعادة إدماجها ومساعدتها على ايجاد عمل..
وهنا يجب الإحاطة بهن نفسانيا وحمايتهن سواء من العنف الذي تسلطه العائلة أو المجتمع، وهي مهمة المجتمع ووزارة المرأة التي تعتبر لها مسؤولية كبيرة في ما حصل.
استهداف مكانة المرأة
قالت أنس حطاب عضو بـ«شبكة حراير تونس»: «أحمل المسؤولية للحكومة رغم أن المجتمع المدني له مسؤولية أيضا ونلاحظ أن هنالك نية مبيتة لاستهداف حقوق المرأة في تونس أصبح اليوم واقعا وحراير تونس لنا وسائل الضغط والمسيرات ولكن ما يحيّر أن وزارة المرأة في صمت كلي ولم يكن لها أي موقف».
وأضافت أنه تم تشريك المرأة في القتال والجهاد بنية تهميشها وكحراير تونس قمنا باجتماع طارئ وسوف نصدر بيانا في الغرض وسوف ندافع عن المرأة أينما كانت». وقالت «خسارة كبرى أنه ليس لدينا وزيرة للمرأة لأنه لدينا وزارة تتضمن من يريد العمل والفعل ولكن لا حول لهم ولا قوة، نحن لن نلقي بأي امرأة حتى وإن تم التغرير بها.. وتم اقتلاعها من الدراسة وألقوا بها في أحضان الجنود يتداولون عليها وعلى استغلالها جنسيا باسم جهاد النكاح».
وقالت: «أنه تم الاتصال ببعض الحالات للاستماع إليهن ومساعدتهن على تجاوز الأزمة. ونحن سبقنا البلدان العربية الأخرى بما لدينا من حقوق».
تنديد
وزارة المرأة ندّدت في بيان لها يتعلّق بموقفها من جهاد النكاح بهذه الممارسات النكراء معتبرة أنها خرقا صارخا للقيم الدينية والأخلاقية للمجتمع التونسي ولكل المواثيق الدولية لحقوق الانسان المصادق عليها من قبل الدولة التونسية والقوانين الجاري بها العمل.
نقلاً عن الشروق التونسية