آخر الأخبار

26‏/07‏/2013

واشنطن تحبس أنفاسها وتراقب خروج المصريين اليوم بقلق شديد


جاء قرار تعليق تسليم 4 مقاتلات من طراز «إف 16» ليثير التساؤلات عما تريده واشنطن وما يبغيه الرئيس أوباما (صاحب القرار) من هذه الخطوة غير المتوقعة. والتى قيل عنها من ضمن ما قيل إنها تحمل إشارة إلى «عدم رضا» أو «استياء» أمريكى مما يجرى فى بر مصر. وعلى الرغم من تكرار القول أمس بأن القرار ليس عقابا ولا يحمل إلغاء أو قطعا للتعاون الأمريكى العسكرى مع مصر، وأيضا المساعدات المقدمة لها إلا أن القرار بتوقيته لا بد أن يلفت الانتباه ويثير الشكوك حول النيات والمطالب الأمريكية.. وطبيعة العلاقة بين واشنطن والقاهرة فى المرحلة الحالية والمقبلة.
وحرصت «نيويورك تايمز» فى تقريرها من واشنطن عن قرار التعليق إلى أن تشير وتذكر بأن الولايات المتحدة وكعلامة لاستيائها من مصر وما يجرى فيها أوقفت إرسال «إف 16» إليها. إذ قالت الصحيفة: «إن الرئيس أوباما فى أول رد عقابى له على الإطاحة بمحمد مرسى كرئيس لمصر أوقف إرسال أربع طائرات مقاتلة من طراز «إف 16» للسلاح الجوى المصرى» وأضافت: «أراد السيد أوباما، كما قال مسؤولون بالإدارة، أن يرسل لحكومة مصر التى يقودها الجيش إشارة باستياء أمريكا من الوضع الفوضوى هناك. والذى يتصف باستمرار العنف واحتجاز السيد مرسى وقيادات أخرى من الإخوان المسلمين، وأن العملية الانتقالية لم تشمل الإخوان».
ولم يتردد مسؤولون أمريكيون فى حديثهم عما آلت إليه الأوضاع فى مصر أن يعربوا عن انزعاجهم بتطور الأحداث بعد أن تم عزل مرسى، وذكرهم بأن عدم إرسال الدفعة إشارة متواضعة إلا أنها واضحة وجلية للإعراب عن هذا القلق. وكما قال مسؤول بالبيت الأبيض لـ«نيويورك تايمز»: «لقد كنا واضحين جدا مع الجيش. نحن نفهم أن الوضع صعب، ولكن نحن نريد أن تعود الأشياء إلى مجراها من جديد» مضيفا: «محاولة كسر ظهر الإخوان لن تكون لصالح مصر أو لصالح المنطقة». وجدير بالذكر هنا أن هذا القلق أو الانزعاج الأمريكى من «محاولة كسر ظهر الإخوان» والتنبيه أو التحذير من عواقبها تمت الإشارة إليها من قبل عندما كشفت «وول ستريت جورنال» عن مضمون المكالمات الهاتفية التى أجراها تشاك هيجل وزير الدفاع الأمريكى مع نظيره المصرى الفريق أول السيسى فى الأيام الأولى التالية لعزل مرسى، ومع إعلان قرار تعليق إرسال «إف 16» ذكر جورج ليتل المتحدث باسم البنتاجون أن الولايات المتحدة تقدر علاقتها مع الجيش المصرى، ووصف إرجاء إرسال «إف 16» بأنه إجراء احترازى. «نحن لا نعتقد أنه سيكون من مصلحة الولايات المتحدة أن يتم التغيير فورا لكل مساعدتنا لمصر» قالها ليتل للصحفيين مضيفا: «ولكن نظرا للوضع الحالى فى مصر فنحن لا نعتقد أنه من المناسب المضى قدما فى هذا الوقت بإرسال (إف 16)». ولم يحدد ليتل بالضبط تفاصيل بعينها تخص إشارته إلى الوضع الحالى فى مصر. ومن خلال ما نقل من تصريحات لمسؤولين أمريكيين حول القرار يتضح أيضا أنه لم يتم الإشارة من قريب أو بعيد إلى متى سيقوم البنتاجون بوضع جدول زمنى جديد لإرسال أو تسليم الدفعة الحالية من «إف 16».
والقرار الأخير تم الإعلان عنه رسميا بعد وقت قليل من إتمام مكالمة هاتفية استمرت ساعة كاملة بين تشاك هيجل وزير الدفاع الأمريكى ونظيره المصرى الفريق أول عبد الفتاح السيسى. وهذه المكالمة تمت بعد خطاب السيسى الموجه للشعب المصرى، والذى دعا فيه إلى نزول الميادين. وحسب ما ذكرته صحيفة «وول ستريت جورنال» فإن الحوار بين هيجل والسيسى تركز على المخاوف الخاصة بالأمن فى مصر وعملية الانتقال السياسى بها. وأن هيجل أبلغ السيسى أيضا خلال المكالمة بإرجاء إرسال «إف 16». ولكن أشير مع إرجاء إرسال المقاتلات إلى أن الولايات المتحدة ماضية قُدما فى الاستعداد لإجراء المناورات المشتركة مع مصر والمعروفة باسم «النجم الساطع». وهذا فى رأى مسؤولين ومحللين على السواء مؤشر أكثر أهمية لقوة العلاقة بين البلدين. وقال جون الترمان الباحث بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية فى واشنطن «إذا كنت تنظر إلى ما هو ذو معنى بالفعل، وما هو رمزى فإن النجم الساطع يعنى شيئا بالفعل، أما إرجاء إرسال (إف 16) فهو رمزى». كما أن المتحدث باسم البنتاجون كان حريصا أيضا، وهو يتحدث عن قرار تعليق إرسال «إف 16» أن يقول: «نحن نظل ملتزمين بالعلاقة العسكرية الأمريكية المصرية، إذ تبقى أساسا لشراكتنا الاستراتيجيية الأوسع نطاقا مع مصر.. وتخدم كركيزة للاستقرار الإقليمى».
وقد حرص مسؤول أمريكى رفض ذكر اسمه، على التأكيد أن الإجراء الأخير ليس عقابيا. ونقلت عنه صحيفة «واشنطن بوست» قوله «هذا ليس طريقة لمعاقبتهم. كما يعطى لنا وقتا أطول للتشاور مع الكونجرس والتعرف الأكثر على استراتيجيتنا وشرح رؤيتنا لهم». وصفقة «إف 16» والتى تصل قيمتها لنحو 3.2 مليار دولار قد تم الاتفاق عليها عام 2009. بجانب صفقة عشرات من دبابات من طراز «إم1 آى 1».
والإجراء الذى تم، والقرار الذى اتخذ يعد إرجاء لا إلغاء. هذا ما أكده أيضا مسؤولون أمريكيون فى تصريحاتهم. وقالوا لـ«وول ستريت جورنال» إنه لم يكن مرتبطا بما أعلنه السيسى ولن يؤدى إلى تعليق باقى أشكال المساعدة أو التعاون العسكرى من جانب الولايات المتحدة. كما نبهوا فى تعليقاتهم بأن الإدارة رفضت خلال الفترة الماضية والتالية لـ3 يوليو توصيف عزل مرسى بأنه «انقلاب» تفاديا لمأزق قانونى أمريكى كان سيؤدى على الأرجح إلى قطع المساعدات.
ونقل عن مصادر مطلعة أن القرار الخاص بـ«إف 16» تم اتخاذه، لأن الوقت قد حان، إما أن يتم إرسال الدفعة المقبلة من المقاتلات أو إرجاء إرسالها لفترة زمنية ما. وكانت الولايات المتحدة قد أرسلت ثمانى مقاتلات منذ بداية العام الحالى. والعدد المقرر إرساله هذا العام (2013) هو 20 مقاتلة. وحرصت «نيويورك تايمز» فى تقريرها عن هذا القرار على أن تذكر بأنه، حسب وصف بعض مسؤولى البنتاجون فإن القرار قد تم صياغته وتقييمه بحذر، بحيث يعطى إشارة عدم رضا أو استياء أمريكى، ولا يتم التمادى فيه، بحيث يضر العلاقة أو يلحق الأذى بأمن مصر. هكذا قالت الصحيفة مضيفة «أن المقاتلات لديها دور صغير فى اضطرابات مصر الداخلية، ومصر لا تواجه خطرا خارجيا وشيكا يتطلب إضافة أربع مقاتلات لقواتها حسبما ذكر مسؤول بالبنتاجون. إن أكبر ضربة ربما قد تكون لكبرياء الجيش المصرى»!!
كما تكتب «نيويورك تايمز» بعض أعضاء الكونجرس الذين انتقدوا تقديم المساعدات لمصر عقب عزل مرسى رحبوا بقرار يوم الأربعاء مثل النائب الجمهورى فيرن بيوكانن (من ولاية فلوريدا) الذى أصدر بيانا قائلا فيه «لقد اتخذت إدارة أوباما القرار الصحيح» مضيفا «أن تسليح جيش قام هذا الشهر بذبح 50 من شعبه كان سيكون خطأ جسيما». وجاء قرار الإدارة فى وقت تشهد فيه قاعات الكونجرس وغرف أعضائه مشاورات ومناقشات مكثفة للتوصل إلى صيغة تبقى على المساعدات العسكرية لمصر ولو «بشروط»، وذلك من أجل الإسراع بالعملية الانتقالية وضمان انتخاب حكومة مدنية فى أسرع وقت ممكن.
وفى أثناء الحديث عن القرار قالت جين ساكى المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية إن القرار «قد تم اتخاذه من جانب الرئيس وفريق الأمن القومى» و«نحن نواصل المراجعة. ولكنى أحذركم من قراءة ما يعنى هذا فى المستقبل» وحرصت ساكى فى الموجز اليومى للخارجية على تكرار هذا المعنى «عدم المغالاة فى قراءة» ما يحمله أو لا يحمله القرار، وذلك تفاديا للتأويل والاستقراء والاستنتاج وسبق الأحداث، خصوصا أن هذا القرار بالتأكيد سيثير الكثير من التساؤلات حول توقيته والهدف منه وتبعاته وآثاره فى المستقبل القريب والبعيد على السواء. على الأقل هذا هو المتوقع والمنتظر.. إلا أن ما سيحدث يوم الجمعة فى مصر تنتظره واشنطن بلا شك وتترقبه وتتابعه بكل التأكيد والقلق.. مثلها مثل كل عواصم العالم وشعوب الدنيا!
التحرير

0 التعليقات: